جثمان العدالة


The death of the lawThe death of the law

ليس من حق أحد أن يعيش خارج إطار الوقت المخصص له .
نحن مجرد مخلوقات على كوكب ما في سديم المجرة الكونية  وجدت  لتتوالد وتبني وتصنع  وتنجز لتُذكر وتبدع لتُشكر، وتُدّون تجاربها لتُخلّد وتتوالد ثم تفنىٰ
نحن سر الخالق العظيم في كونه المترامي  .
هناك مليارات المخلوقات غيرنا يفصل بيننا وبينهم فاصل بسيط جداً لا يدركه أحد إلا ما ندر ..

نرىٰ أنفسنا أفضل المخلوقات وقد لا نكون كذلك !
فكل المخلوقات تعيش في عالمها بطرقٍ مختلفة ومعالم وعلوم ربما أكثر منا تطوراً علمياً وتكنولوجياً وتقنياً ورُقيّاً وعدالة اجتماعية   فلو قُدِّر لنا أن نتخاطب مع تلك المخلوقات بلغةٍ واحدة مفهومة
لربما نعتونا بالحشرات أو بالبكتيريا ..
لا نعلم ؛ لكننا بالفعل نحتكر تفاصيل الحياة وجودتها لنخبة من البشر ونحرم منها العدد الأكبر بتهمة أنهم الأقل حظاً وأنهم وجدوا ليكونوا تحت أحذية النخبة التي تحتكر الحكم والسلطة،  وتمتلك مقرات العدالة ، وتستعبد القضاء وتُفِّصل القوانين ، وتختار نوعية القضاة وتصنع للعدالة أقنعةً ووجوهاً متعددة ..
تلك النخب ؛ قانونها يطال العصاة لأوامرها ويغض الطرف عن جلاديها وأذيالها
تلك النخب من بني البشر قانونها وعدالتها تطال الجميع ولا يطالها أي قانون فوق الأرض
تلك النخب لها الحق المطلق في تسيير حياة البشر ولها الحق  حتى في مصادرة أحلامهم وطموحاتهم.
تعد عليهم الأنفاس وحركة الشهيق والزفير ولها الحق  المطلق في منح الرضى وإصدار قوانين الغضب
تلك النخب  لها الحق في  أن تصنع جسراً من جماجم الشعوب لتصل إلى عروش السلطة، وأراقت في سبيل ذلك ولا زالت تريق دماء الأبرياء الممزوجة بمدامع الأمهات والزوجات والأيتام الثكالىٰ

لا تجد منطقة فوق كوكب الأرض إلا وعلى ترابها معالم دامية تخبرك عن ماضٍ دموي بغيض او أنهار من دماء لا زالت تتدفق وجماجم الجوعىٰ شاخصة في كل تلٍ وخلف أسوار المدائن
ومليء بطون المدافن التي تضم أجساداً قطعت مقابل لقمة مغمسة بذل الطاعة لمن لا تعرف
تلك النخب  من بني البشر تعتاش وتنمو وتتكاثر على دماء ولحوم بني جلدتها ممن تقاصر دونهم الحظ وطواهم تحت إبطه بؤس الحياة !
فلا ندعيَّ أبداً أننا الأفضل فوق كوكب الأرض وبعضنا في وضح النهار يعيش في الظلام والبعض الآخر يبصر الظلام نوراً ويشق عليه أن يظهر تحت أشعة الشمس

لسنا الأفضل ..وفقيرنا يموت جوعاً ؛ والطغاة والجبابرة يموتون من التخمة والسمنة
لسنا الأفضل والقانون يطبق على الفقير المعدم ويتجاوز عن الغني الثري
لسنا الأفضل وأطفال الفقراء حول العالم يحرمون من التغذية والرعاية الصحية ويحرمون من حقهم في التعلم  لسنا الأفضل ..وأبناء النخب في أي بلد فقير يتلقون تعليمهم خارج البلاد في أرقى جامعات ومدارس العالم
لسنا الأفضل ..والمشردين والنازحين ثلاثة أثلاث سكان العالم
لسنا الأفضل  وملايين البشر يموتون سنوياً بسبب أمراض بسيطة بالإمكان معالجتها والقضاء عليها لسنا الأفضل
ومصانع وشركات الأدوية ومختبرات الفايروسات تستخدم بعض البشر فئران تجارب تُجري عليهم تجارب قاتلة
لسنا الأفضل وأراضينا مليئة بثروات البترول والغاز ونحن نعيش تحت خط الفقر وننتظر سنوياً الإعانات من الدول التي كنا فيما مضى نقدم إليها المساعدات
لسنا الأفضل ؛ ولا عدالتنا فوق الأرض هي الأفضل عن عدالة النمل و الغربان والوحوش !
لسنا الأفضل بين المخلوقات ولن نصل لمستوى القرود والبهائم في تحقيق العدالة  على أقل تقدير  !!


* درويش حبيش الخشمي

فكرة رائعة

تعليقات